كلمات قالتها . .
كتبت بتاريخ : غير معروف
فيليلة شتائية ، تلبدت سماؤها بالغيوم السوداء الداكنة ، يتوسطها في كل ناحية وهج ضوءيتوهج لعدة ثوان ، فيصاحبه صوت رعد مذعر .
هووقت مثالي لأن يفكر المرء في ذاته ، وذات الكون من حوله . تارة تنشغل أذهاننا فيمايراودها من الذكريات ، وتارة أخرى يشغلها صوت وقع قطرات المطر على الأرض والنوافذ.
بدأتوأنا من هنا ، من هذا الفراش الذي أرقد عليه ، هو بمثابة الحب الذي يدفئ العواطف والأحاسيس، تسكن ظلمة الليل جزء من قلوبنا وذكرياتنا ، وتزداد وقعا في نفوسنا كلما فتحنا جرحابعد جرح ، وطالما أننا نفقد الأمل بعد كل جرحنفتحه ، فمن المتوقع إذن أن نبقى سجناء هذا المكان ، دون حيلة أو جدوى تنفعنا .
تزدادآلام الدنيا وقعا وضغطا على نفوسنا الهلكى ، الحب والغرام ذو الطرف الواحد من جهة ،وأموال من جهة أخرى بما فيها فقرنا ، وعلاقات إنسانية صداقات ونزاعات وهمومها وغيرها.
وماإن زادت همومي ومآسيّ وقعا في نفسي ، حتى تعلمت أن الحياة أفراح وأحزان ، سعادة وبؤس، غنى وفقر ، ضيق وفرج ، وما إن يغلق باب من أبواب الحياة فإنك ستجد غيرها مرحبة بك. وأن ما في الحياة شيئا يحدث لك إلا ويخبئ لك هدفا أراده القدر لك حتى تدركه ، وعنيشخصيا ما خرجت يوما من تجربة ما خاسرا ، وإن فقدت كل شيء، فإني قد اكتسبت حكمة منهاولم تذهب التجربة هباء .
فييوم ما وجدت فتاة في طريقي ، فنظرت لعينيها ، فشعرت بأنها تخفي العالم في عينيها الصغيرتين، جاءت نحوي فنظرت في عيناي فقالت لي كلمات ما زالت باقية في ذهني ، قالت لي :" استمع ؛ إني معلمك كلمات باقيات خالدات المعنى ، الحياة تجارب ، شيء يسرك وآخريحزنك ، وأن السعادة لا تأتي بدون عناء التعب ، وأن الطريقة المثلى لأن تشعر بالسعادةهي أن تحزن ؛ لأنك حين تحزن تخلع ثوب التطرف ، فترى الأمور من العين الملحدة لكلا الطرفين، فترى حسناتها وسيئاتها ، فتقارن بعدها " .
"إن الله خلق لك عقلا ، ولم يخلقه عبثا ، فاخلع عنادك واستكبارك ، وتواضع واخلص في كلشيء تفعله ، وكن دائم العلاقة والتواصل مع خالقك ، فاستشعر عظمته في كل خلق خلقه ،ودع الإله على لسانك بما فيه الخير ، وأحب لله وابغض لله ، وإن تركت شيئا لوجه اللهفإن الله يعوضك إياه بما هو أفضل وأفضل " .
وأذكر أنها قالت ليكلمات أخرى " انظر لمن هم أدنى منك معيشة ، فحينها ستشعر بأنك تسير في الطريقالصحيح ، وأن الله يحبك مازلت على هذا الطريق ، ولا تلتفت لمن حولك بأنهم يقومون بكذاويقولون كذا ، وأنك أنت الذي تخالفهم ، لا تخشى ، فأنت إن كنت تسير مفتح الأعين فلاتظن بأن الحجارة ستستطيع اعتراض طريقك " .
هذا ما قالته لي ،فأثارت هذه الكلمات في نفسي الدهشة ، إنها فتاة لم تتجاوز العشرين من عمرها ، ولكنمن أين أتت بهذه الكلمات ، هي عاشت حزينة ، والحزن مصدر الحكمة .
لا يوجد شخص سعيدوآخر حزين ، فلو جمعنا نعيم المرء بكل جوانبه مع عذابه ، فإن كلاهما سيتعادل ، ذو الماليملك أموالا ولكنك تراه تعيسا ، والفقير الذي لا يجد قوت يومه تراه يوزع السعادة لكثرتهاعنده ، ولكن لو خير للعاقل بأن يختار بين الحالتين فسيختار العذاب المادي لا العذابالمعنوي .
0 التعليقات:
إرسال تعليق