أهلا ومرحبا بكم زواري الأعزاء في مدونتي الشخصية الحلم الباقي ..

تنبيه !!
عذرا على انقطاعي عن المدونة والذي كان بسبب تحضيري لمدونتي الجديدة
فلقد تمّ انتقال المدونة من نظام بلوجر إلى نظام وورد بريس ..
وهذا هو العنوان ..
وأشكر لكم تواصلكم معي..

17‏/07‏/2010

الصيّاد

الصيّاد

efe139de-06ab-4c4c-a5f2-0bccb79b62c1 أمسك بيدي وسار بي لفناء منزله ، تناول من تلك الناحية صنارة الصيد ، فسار بي إلى المكان الذي عشق الهروب إليه ، وكان هذا بعد أن شربنا قهوة الساعة السابعة صباحا ، إلى تلك الصخرة الكبيرة المرتفعة توجه ، هو يحب كالمعتاد أن يقف هناك حين يصطاد السمك ، إذ أنه يشعر بقمة قوته وسيطرته على البحر من تلك الناحية من شواطئه المطلة على امتداده الواسع .

سعادته لا توصف وهو يمارس أجمل هواية عنده والتي تأخذ من طابع الطبيعة مقدارا كبيرا ، أنظر إليه باستغراب يحيرني .. بنطاله الممزق .. قميصه المهشم .. قبعته الريفية .. وصندله البسيط .. هو ليس بذلك الشخص الذي يدير الشركة التي أعمل فيها ! فرق كبير بين من كنت جالسا معه البارحة في المكتب ومن أجلس معه الآن .

دارت بمخيلتي العديد من التساؤلات ولم أجد لها أي حلٍ .. كيف تجتمع شخصية المدير مع شخصية الصيّاد ؟ وهل هناك ما يجمعهما مع بعضيهما في مكان واحد ؟ أردت أن أسأله لكني خفت من الفضول أن أزعجه .

لكنّ الفضول ازداد بداخلي .. فقلت له : " هناك شيء ما يحيرني .. لكني أخشى أن أزعجك بسؤالي هذا " فردّ عليّ بأن أسأله فليس هناك من داعٍ للإحراج ، فقلت له : " كيف لك أن تجمع ما بين المدير والصيّاد ؟ عفوا .. فالشخصيتان لا تنتميا للبيئة الاجتماعية نفسها " ، تحركت شفتاه بابتسامة رسمت طيبة على وجهه " حسنا .. أنت وأنت تقف الآن بجانبي هل تتحدث معي وكأني مديرك ؟ " فأجبته بـ " لا " فأكمل حديثه قائلا : " إذن فلكل مكان طابعه وشخصه القائم عليه .. في كلّ بيئة تكون فيها تفرض عليك أسلوبا معينا في التعامل .. لكنّ الجوهر في جميع التغيرات التي تحصل لأسلوبك يبقى ثابتا لا يمسّ بشيء " .

فقلت له : " لقد أحببتك بالشخصية البسيطة التي أحبّت البحر وهويت صيد أسماكه ، فتنازلت عن المسميات وعن المناصب لتعيش حياتها التي أحبتها دون تصنّع " ابتسم في وجهي ثم أطرق يصغي لنغم هدير البحر .. ثم قال : " يا صديقي .. أنا لم تلدني أمي على مكتب الشركة .. إنما أنا ابن الريف .. كانت مهنتي البحر ، البحر الذي عشقته وأنا ابن الثلاث سنوات ، فأدمنت الخروج له والشروع في صيد أسماكه .. أعرف كلّ كبيرة وصغيرة عنه وتحديدا من هذه الصخرة التي اعتدت التردد عليها منذ أن كنت في عامي الثالث .. أحبّ هدوئه .. أحبّ صمته وأحب جنونه الصامت .. إن عرفت كيف تصادقه وتصغي لصوته فسيمنحك الكثير .. سيمنحك السعادة لأنه سيعلمك حينها الكثير والكثير " .

أعجبني ما قاله ، فما قاله من كلمات أعطتني تصورا أرقى عن مديري الذي لم أكن أرى منه إلا وقفته فوق رأسي ينظر لما أقوم به أثناء أدائي لمهامي المفروضة عليّ ، إنّه رجل طيب .. رجل أحبّ الحياة ، لكنّه واجه الكثير والكثير في حياته .. فجعلت كاهله ينحني من كثرة همومه مما أكسبته دمعة صامتة مكبوتة في صدره ، ففضل أن يهرب للبحر .. ذلك الصديق الوفي .. وحين يقف عند تلك الصخرة ويقذف بصنّارته عرض البحر يتخيل نفسه واقفا على المنبر يخاطب موظفيه ، فحين يقذف بصنّارته فكأنّه قذف بقراراته وأحكامه على مسمع موظفيه الذين هم في الغرفة كالأسماك في البحر ، فيستمد من ذلك الموقف الطبيعي البعيد عن إنجازات البشرية الحضرية الشيء الذي يدفعه لأن يسير في دربه راسما درب النجاح .. يغوص فيه كما يغوص في أعماق البحار .. يحاول أن يكتشف من حياته العملية ونجاحه قدر ما يريد أن يعرفه عن أسرار البحر الغامض .. فيا لله ما أجمله .. ينقضُّ على النجاح كما ينقض على أسماكه بهمة الحياة البسيطة .

بقلم : إياد أبو عرقوب

بتاريخ : 14 / 7 / 2010


Share/Bookmark

1 التعليقات:

Loer Antario يقول...

قصة رائعة وبسيطة إلا أنها تحمل من العبر الشيء الكثير.
أعجبني المقطع الأخير بشدة..
بالتوفيق وللأمام بإذن الله يا كاتبنا المبدع

إرسال تعليق

احصائيات الزوار الكرام ..

=====================================