أهلا ومرحبا بكم زواري الأعزاء في مدونتي الشخصية الحلم الباقي ..

تنبيه !!
عذرا على انقطاعي عن المدونة والذي كان بسبب تحضيري لمدونتي الجديدة
فلقد تمّ انتقال المدونة من نظام بلوجر إلى نظام وورد بريس ..
وهذا هو العنوان ..
وأشكر لكم تواصلكم معي..

01‏/04‏/2010

وعلقتا جنبا إلى جنب


وعلقتا جنبا إلى جنب
كتبت بتاريخ : 26 / 12 / 2009

حلمه أن يكون طبيبا، عندما يرى طبيبا يتمنى لبس ردائه وأخذ سماعته ووضعها على أذنيه ، كأي طفل يعيش حياتهفإنه حمل الأحلام على أجنحة مخيلته ، فسار بها دربه الطويل ، فاجتهد . . كان دائمايرى في نفسه الصورة لطبيب المستقبل ، ينظر للحياة على أنها فرصة نحو إثبات الكفاءةوالقدرة ، لذا فهو منذ طفولته كان المميز بين أبناء سنه ، متعدد الميول ، يحب أن يغرفمن ينابيع العلم العذبة ، يبسط الأمل على امتداد دربه الواسع ، لا يعطي لليأس فرصةفي شق طريقها نحوه ، فعنوانه الحياة كما يحب ، وبأحلامه وطموحاته تغنى بقيثارته وأسمعالقلوب همس حكايته .

          يعيشفي قرية ريفية في إحدى المدن ، أكمل دراسته الابتدائية في مدرسة القرية ، ثم ما لبثأن أنهى دراسته فيها حتى تقدم لإحدى المدارس الثانوية التي تجاور قريته ، كانت الثانويةالعامة فترة عصيبة عليه في تاريخ حياته ، لذا فإنه يتحتم عليها صدور حكم تام حول مصيرحياته ، وماذا سيكون ، كان عليه أن يقدم من الجهد والعناء ما يناسب إرادته في أن يكون، إرادته تقتضي عليه العناء والكد من أجل تحقيق هدفه ، فبالفعل . . كان يدرس ويثابردون شعوره بالكلل والملل ، وإن حصل ذلك فإنه يتخيل موقفه حين يكون واقفا على منصة المسرحيتلقى شهادته الصادرة عن كلية الطب في حفل تخرجه من الجامعة ، فتزيده هذه الأحلام إصراراوتصميما على مقاومة جميع المعيقات التي تواجهه والتصدي لها .

          جاءهذا اليوم ، اليوم الذي انتظره منذ زمن بعيد ، اليوم الذي يعتبر النافذة المفتوحة أمامهليعبر منها لما يريد ، حين عاد كان بيده صحيفة ، فوضعها على الطاولة ودموعه تترقرقمن بعيد ، ظن المتواجدون بأنه قد أخفق ، وعليه أن يعيد سنته الدراسية كاملة ، لكن مالم يكن أحد يعرفه ولم يكن في الحسبان هو أنه لم ينجح فحسب ، بل انه أحرز المرتبة الأولىعلى المدارس الخمس التي تتبع لواء مديريتهم ، كانت صدمة عارمة ظهرت جليا على وجوه أفرادعائلته وأبناء قريته ، ودموعه كانت دموع فرحة لم يتوقع أن يصل إليها هذا الفتى في يوممن الأيام ، فقد ظن الحصول على شيء قليل مما حصل عليه ، لكنه كان مثلا جديرا في حصولهعلى مرتبته هذه .

          والآنفقد بدأ دربا جديدا في مشوار حياته ، فقد بدأت حياته تأخذ مسارا جديدا يتطلب منه المزيدمن العمل وتحمل المسؤولية ، الآن تحول من فتى إلى شاب ناضج يسعى نحو إدراك مستقبلهوبناءه ، طفولته كانت تنبئ بولادة شخص مبدع وها هي بوادر الخير تظهر فيه .

          تقدملإحدى الجامعات التي في مدينتهم ، أراد الطبّ وها هو يسعى في طلبه ، أسعفه الحظ فحصلعلى مقعد بين أطباء المستقبل ، شعوره لا يوصف . . فقد حصل أخيرا وبعد عنائه الطويلعلى مقعد في كلية الطب ، وها هو ينظر إليه نظرة مفعمة بالحيوية تفيض منه بحار الأملوالشغف في أن يلبس المريول الأبيض الذي حلم به طيلة سنين طفولته وشبابه .

          أمضىالفصل الأول له في دراسته الجامعية ، وكان بصدد بدء امتحاناته الجامعية ، وفي يوم منالأيام . . بينما هو يجهز نفسه للخروج من المحاضرة إذ بأحد الأساتذة الذين يعلموه قدناداه . . فأجاب نداءه فذهب إليه ، كان الأستاذ قد لاحظ تميز هذا الفتى في أدائه فيالمحاضرات فقال له : " انظر يا بني ، هذا المقعد هو حياتك ودربك . . أحلامك معلقةبه ، متى اجتزته فتحت الحياة أمامك ، لذا فاحرص على أن تكون المجتهد الأول في هذا العلم. . إنه علم من أجمل العلوم . . أفضل العلوم الإنسانية مرتبة ، وهو ينتظر أشخاصا مثلك" .

          عندماسمع هذه الكلمات شعر بالفرح ، فهذه الكلمات بالنسبة إليه أول طريق النجاح ، فزادتهثقة في نفسه ، قدم امتحانه الفصلي الأول وقد أحرز العلامات العليا ، والداه فخورانجدا بما يؤول إليه ابنهما .

          يومجديد في سنته الرابعة في الجامعة ، يلبس ثيابه ، ويرتب كتبه استعدادا للذهاب لمحاضرته، يتوجه لموقف الحافلات ليستقل احداها كي يذهب بها إلى جامعته ، وبينما هو متجه لركوبالحافلة فإذ به يصطدم بفتاة تود ركوب الحافلة فتناثرت كتبها وأوراقها أرضا . . فقامورفع لها الكتب . . وعندما رفع رأسه أتت عينه في عينها . . حصل له ارباك عندما نظرفي عينيها . . قدم لها كتبها وقال لها " عفوا . . لم أنتبه . . أنا متأسف" فردت عليه " لا مشكلة . . بسيطة لم يحدث شي " ، فصعدا الحافلة ، عيونهلم تفارق هذه الفتاة . . لاحظ بأنها طالبة جامعية تحمل كتابا في الهندسة ، ويبدو أنهقد اعجب بها وسرقت قلبه من نظرة واحدة ، لحسن الحظ حينما نزل من الحافلة رأى هذه الفتاةتنزل من الحافلة ، فشعر بالسعادة لأن هذه الفتاة تدرس في نفس الجامعة التي يدرس هوفيها ، أراد التحدث معها لكنه وجد لسانه قد عقد عن الكلام فتوجه لقاعة محاضرته .

          لمتغب صورة هذه الفتاة عن مخيلته ، ولا ذلك الموقف الذي جمعه بها ، وفي كل ليلة يعيشذاك الموقف في مخيلته . . يكرره المرة تلو الأخرى ، عزم على أن يتحدث معها حين يراهامرة أخرى .

          وفييوم آخر . . يتنزه في ساحة الجامعة  . . وقدلمحها من بعيد ، أصابه الخوف حين رآها . . لكنه عزم على أن يتحدث معها  . . فتوجه إليها ، وقف أمامها ونظر في عينيها ،حاول أن يصغي لما تقوله عيونها ، نظرت إليه أيضا وتذكرت هذا الشاب . . نعم هذا هو. . هذا من اصطدمت به في تلك المرة حين ركبت الحافلة ، لاحظ وجهها الذي ازداد احمراراحين حدقت في عينيه ، فقد أصابها الخجل ، هو يعلم أن هذه الإيماءات ترسل له رسالة منهذه الفتاة تخبره بأنها تحبه وربما يكون فارس أحلامها المنتظر ، تحدث معها . . وأخذهماالكلام . . فتعرفا على بعضهما . . عرف أنها تدرس الهندسة في هذه الجامعة تحت تخصص الهندسةالمعمارية ، وأنه بقي لها سنة واحدة وتنهي دراستها وتحصل على الشهادة .

          أصبحكل يوم يراها ويتحدث معها ، كان يكره يوم الخميس لأن عليه أن ينتظر الدوام في الأسبوعالمقبل دون ان يشاهد هذه الفتاة .

          وبعدشهرين استطاع أن يصارحها بسره الدفين في قلبه ، أخبرها بأنه يحبها ، لكنه كان يخشىشيئا ، فهي بعد سنة سوف تتخرج وتشق طريقها ، وهو عندما تتخرج هذه الفتاة يكون بقي لهسنتان من الزمن في الجامعة ، فهل ستستطيع انتظاره حتى ينهي دراسته ومن ثم يؤمن بعضالنقود لبناء مستقبله ، أسئلة كثيرة جالت في خاطره تطرح حزم الأسئلة ، والتي لا تجدالإجابة عنها .

          مرتسنة . . والآن هذه الفتاة تصعد لتأخذ شهادتها . . مهندسة مبدعة في تخصصها ، حققت أحلامها، والآن انظر إليها ترفع شهادتها بفخر ، حلمت وحصلت ، والآن ترى أنها تنتظر حلما آخرقيد أن يكون في الحوزة .

          يقتربمنها الشاب وينظر في عينيها ، فيقول " هل ستنتظرينني ؟ بقي لي سنتان ، وبعدهاسوف أبحث عن عمل أتوظف فيه لأكون نفسي ، هل ستكونين معي لذاك الموعد ؟ أليس صعبا عليكهذا ؟ "
    فتجيبه: " شهادتي هذه التي حصلت عليها لن تكون جميلة وأفتخر بها حتى أراها معلقة بجانبشهادتك يا أيها الطبيب . . اخترك من بين جميع الشبان لأنني أحببتك . . هل تراني سأتركك؟ "
   شعر بالفرحوالسعادة حين سمع كلماتها وأضاف لها : " إني فخور بك . . أشكر ربي لأن هداني لك. . لا أدري كيف ستكون حياتي لو أنني لم أعرفك . . ستصبحين من أشهر المهندسات بإذنالله . . لقد أعطيتني الأمل لأستمر في دربي الذي بدأته . . حلمي أن أكون طبيبا . .وبك أيضا تكون الأحلام أجمل "

          مرتالسنتان . . أنظر إليه . . إنه يصعد المنصة . . ليكرم يوم تخرجه . . لقد أخذ الدرجةالأولى . . وها هو يمسك شهادته . . حين ألقى عينه عليها تذكر كل شيء . . طفولته .. شبابه . . أحلامه . . جده ومثابرته . . وعده لفتاته . . تذكر يوم أمسك بسماعة الطبيبووضعها على أذنيه حين كان طفلا صغيرا . . كان يحاول أن يمسك دمعته لكنه لم يفلح ، فدمعتهخرجت تصارح الجميع ، تصارحهم بفرحته وفخره بنفسه ، أجل هي دموع الفرحة . . دموع النجاح. . دموع اليوم الذي انتظره منذ أن كان طفلا . . لتعلن للجميع عن ولادة الطبيب الذيبقي صامدا نحو حلمه ، والآن هو مستعد لأن يلبس المريول الأبيض ويبادر العمل فيه .

          تمتعينه في أفضل مستشفيات المدينة بمرتب جيد ، وبعد سنة تقدم والداه لمنزل الفتاة التيأحبها ليطلباها ، فأعلنت الخطوبة ، وتم تحديد الزفاف في بداية الربيع ، أحلامه شارفتأن تصبح حقيقة . . وجاء الربيع . . الأزهار تفتحت . . العشب نما . . البسمة جلية علىمحيا القرية . . زفا بأجمل المواكب . . أعطاها عهدا وأوفا به . . وأخبرته أنها ستنتظرهوبقيت تنتظر حتى أتى .

          أنجباطفلا يشبه والديه . . عسا أن يكون مثلهما . . ليحكي لنا حكايته ويطربنا بها ، وغداطبيبنا من أشهر أطباء البلد في مجال الجراحة ، الآن يسترجع سيرة حياته وكيف كان متأكدامن أنه سيحقق أحلامه في يوم من الأيام ، فلا بدّ للحلم أن يصبح حقيقة ، ولابدّ للمجتهدأن يصل لأحلامه طالما بقي خلفها يسعى لتحقيقها ، وكلما ينهض من نومه صباحا يرى شهادتهالمعلقة بجوار شهادة زوجته حبيبة دربه وأم طفله فيبتسم ؛ لأنهما ورقتان تختصران ألفحكاية ودرب ، شقت طريقها ورويت بالأحلام والعزم والأمل . . فها هي الأحلام أورقت وهاهي ثمارها ناضجة .

Share/Bookmark

0 التعليقات:

إرسال تعليق

احصائيات الزوار الكرام ..

=====================================